شروط الدعوى في المسطرة المدنية
يقصد بشروط الدعوى، الشروط التي ينبغي توافرها في من يريد عرض ادعاء ما على القضاء، أي شروط سماع المحكمة للإدعاء، وقد حددت المادة الأولى من قانون المسطرة المدنية هذه الشروط في الصفة والأهلية والمصلحة، والإذن بالتقاضي إذا نص عليه القانون.
وتعتبر هذه الشروط الثلاثة شروطا لجميع الدعاوى كيفما كان نوعها، اذ أن القانون كثيرا ما يضع شروطا أخرى خاصة ببعض الدعاوى، وهذه الشروط الخاصة ليست محلا لدراستنا لأنها تتعلق بدعاوي معينة.
ويترتب على عدم توفر شرط من شروط الدعوى الحكم بعدم قبول الدعوى، ولو أن هذا الأثر لا ينبغي على المحكمة التسرع في التصريح به إلا بعد إنذار الطرف المخل بتصحيح المسطرة داخل أجل تحدده له، فإن تم تصحيح المسطرة إعتبرت الدعوى كأنها أقيمت بصفة صحيحة، وإلا صرحت المحكمة بعدم قبولها.
أولا: شرط الأهلية
من المبادئ العامة أن تحديد أهلية الفرد تخضع لقانون أحواله الشخصية، والأصل في الشخص توافر الأهلية وكمالها. وتحدد مدونة الأسرة المغربية سن الرشد القانونب في 18 سنة شمسية كاملة، وتفقد الأهلية أو تنقص إما لصغر السن أو لجنون أو سفه، وعليه فإن فاقد الأهلية أو ناقصها ليس أهلا لمباشرة الدعوى ويجب أن ينوب عنه نائبه الشرعي، كما يجب على هذا النائب وقبل رفع الدعوى بالنيابة عن القاصر أو ناقص الأهليه أن يحصل على إذن من القاضي ما لم يكن الحصول على الإذن يسبب تأخيرا، ويكون في هذا التأخير ضرر على القاصر أو ناقص الأهليه.
غير أنه يجوز للقاصر الذي بلغ السادسة عشرة وتم ترشيده من قبل أن يباشر الدعوى بنفسه، كما يمكن أيضا ادارة أمواله والتصرف فيها.
وقد خص قانون المسطرة المدنية دعاوى القاصرين لأهمية خاصة كما أن القضاء المغربي تعرص لكثير من الإشكاليات التي تطرحها هذه الدعاوى محاولا توفير أكبر قدر من الحماية القانونية لهم.
وهكذا نصت المادة 9 من ق.م.م على أنه يجب أن تبلغ إلى النيابة العامة القضايا المتعلقة بفاقدي الأهلية، وبصفة عامة جميع القضايا التي يكون فيها ممثل قانوني نائبا أو مؤازرا لأحد الأطراف، ونصت الفقرة الأخيرة من هذا الفصل أيضا على أنه "يشار في الحكم إلى إيداع مستنتجات النيابة العامة أو تلاوتها بالجلسة وإلا كان الحكم باطلا".
وقد قصد المشرع بهذا التبليغ، وتقديم النيابة العامة لميتنتجاتها في النزاع، حماية القاطر كطرف ضعيف في النزاع مجابهة لاحتمال تهاون أو إهمال نائبه القانوني في الدفاع عن مصالحه.
وقد صاغ القضاء المغربي بخصوص المادة التاسعة من ق.م.م عدة قواعد حاول بها التقيد بالهدف الذي وضع من أجله الإجراء المذكور كما أنه سمح للقاصر أحيانا بإقامة الدعوى مباشرة بل وسمح بتوجيهها ضده أحيانا أخرى. كما سمحت مدونة الأسرة المغربية للمتزوجين القاصرين ممارسة حق التقاضي في كل ما بتعلق بأثار عقد الزواج من حقوق وإلتزامات.
ثانيا: شرط الصفة
اعتبر المشرع توافر الصفة شرطا أساسيا لمباشرة الدعوى، ويقصد بالصفة توافر سلطة لمباشرة الدعوى أي إثبات سند المدعي باعتباره طرفا في النزاع، وقبام علاقة تربطه بالنزاع المعروض على القضاء كمدعي حقي لنفسه أو مزعم أو ادعاء، فان مسألة توافر صفة الادعاء عادة ما تثار عن الطعن في الأحكام بحيث من المألوف أن يقدم أشخاص على الطعن بالاستئناف أو الطعن في أحكام لم يكونوا أطرافافد فيها . و بالتالي فان اىقضاء يرد طعونهم لعد توافر الصفة، هذا بالنسبة للأشخاص الطبيعيين، أما الأشخاص المعنويين فقد نص القانون على طريقة تمثيلهم.
و الصفة يمكن أن تكون أصلية أو إستثنائية، فهي تكون أصلية عندما يدعي شخص حقا لنفسه، وتكون إستثنائية عندما يحل شخص محل صاحب الحق لمباشرة الدعوى كما في الدعوى الغير المباشرة أو البوليانية.
وينبغي التمييز بين الصفة الاستثنائية أو مايسمى الحلول، و بين التمثيل القانوني أو الصفة الإجرائية، ففي الصفة الاستثنائية يطالب شخص ثالث هو الدائن عادة لنفسه بحق مملوك لغيره وهو مدينه وهو حلول لا يتم إلا بنص خاص يتمتع به اما الصفة الاجرائية او التمثيل القانوني فان هذا الغير أو الممثل إنما يطالب بحق نيابة عمن يمثله كالولي أو الوصيالذي ينوب عن القاصر أو ناقص الأهلية، و من ثم فانه لا يعتبر ذا صفة في الدعوى، وانما تكون له صفة اجرائية لمباشرة اجراءات الخصومة فقط.
و تتميز الصفة في الدعوى سواء كانت أصلية أو إستثنائية عن الصفة الإجرائية، من حيث أن زوال الصفة في الدعوى أثناء سيرها يؤدي إلى الحكم بعدم قبول الدعوى أما زوال الصفة الإجرائية فيؤدي فقط إلى إنقطاعها، ويمكن مواصلتها بالتصحيح.
أما الوكيل أو المحامي فإنه لا يعتبر طرفا في الخصومة، و لكنه مساعد و مؤازر للأطراف فقط ولذا فإن زوال وكالته لا يؤدي إلى انقطاع الخصومة أو وقفها.
ثالثا: شرط المصلحة
وجوب كون المصلحة قائمة وحالة