عناصر الدعوى في قانون المسطرة المدنية المغربي
لكل دعوى عناصر ثلاثة لا تقوم بدونها، وهي أشخاصها ومحلها وسببها، وتسمح لنا دراسة هذه العناصر بتطبيق كثير من القواعد القانونية، لذلك أنه كثيرا ما تسجل دعاوى مختلفة بعناصر متحدة، فيستلزم الأمر معرفة ما إذا كان الأمر يتعلق بدعوى واحدة سجلت عدة مرات أمام محكمة واحدة أو محاكم متعددة، أو بدعاوى مختلفة يجب البت في كل واحدة منها ولمعرفة ذلك لابد من تحديد عناصر الدعوى.
عناصر الدعوى في المسطرة المدنية
سبقت الإشارة إلى أن عناصر الدعوى هي الأشخاص والمحل والسبب، ونتولى دراسة هذه العناصر في ثلاث نقاط:
أولا : أشخاص الدعوى
يقصد بأشخاص الدعوى أطرافها أي من تكون له الدعوى ومن توجه ضده، أما القاضي فلا يعتبر من أشخاص الدعوى.
وقد يكون المدعي أو المدعى عليه ممثلا في الإجراءات بواسطة شخص أخر، كما لو كان قاصرا ممثلا بالولي أو الوصي، ومع ذلك يظل القاصر هو المدعي أو المدعى عليه الأصيل الذي يصدر له الحكم أو يصدر ضده.
ولذا إذا رفع الولي أو الوصي بعد ذلك دعوى ينسب فيها لنفسه الحق الذي كان يدعيه للقتصر سابقا، فإن هذه الدعوى تعتبر دعزى جديدةومختلفة عن الأولى من حيث الأشخاص.
ثانيا: محل الدعوى
يقصد بمحل الدعوى ما يطلبه ويهدف إليه المدعيفي إدعائه وهو يخرج في الغالب عن إدعاء حق أو مركز قانوني، أو إلزام خصمه بأداء أو فعل معين، ويمكن تحديد محل الدعوى حسب ثلاث معايير:
- نوعية القرار المطلوب من المحكمة
- الحق المطلوب حمايته
- الشيء محل الحق المطلوب حمايته
ثالثا : سبب الدعوى
يقصد بسبب الدعوى مجموع الوقائع المادية والقانونية المنتجة التب يتمسك بها المدعي كأساس لدعواه، فدعوى المطالبة بالملكية التي يكون أساسها عقد البيع تختلف عن دعوى تقرير الملكية بناءا على التقادم المكسب، أو الإرث، بسبب إختلاف السبب في الدعويين.
ولا يقصد بسبب الدعوى النص القانوني أو القاعدة القانونية التي يتمسك بها المدعي، كما ذهب إلى ذلك بعض الفقه التقليدي، إذا أن القاضي لا يتقيد بتكييف الخصوم لإدعائهم، لأن تكييف الوقائع هو من إختصاص عمل القاضي فهو المكلف بأعمل القانون،وعليه فإن سبل الدعوى إنما يقصد به الوقائع المادية والقانونية المنتجة التي يقدمها الخصوم بصرف النظر عن تكييفهم لهذه الوقائع، فإذا طالب مثلا شخص بتعويض عن فعل ضار على أساس قواعد المسؤولية التقصيرية ثم أقام دعوى أخرى يطالب فيها بالتعويض على أساس المسؤولية العقدية فإن الدعوى الثانية لا تعد مختافة عن الأولى طالما أن الوقائع ظلت واحدة في الحالتين رغم تغيير المدعى للتكييف القانوني لهذه الوقائع.
إذن فإن ما يؤدي إلى تغيير الدعوى وإختلافها هو تغيير وإختلاف الوقائع المنتجة في الدعوى لا تغيير تكييفها القانوني، أو حتى تغيير في أدلة أو حجج إثباتها، فتغيير الأدلة أو الحجج القانونية هو تغيير لوسائل الإثبات وليس لسبب الدعوى فالمطالبة مثلا بإثبات عقد من العقود بالورقة العرفية لا يختلف عن المطالبة بإثباتها عن طريق الشهادة أو وسيلة إثبات أخرى.