أخر الاخبار

تعريف السياسات العمومية

تعريف السياسة العمومية

تعريف السياسات العمومية

 لا يمكن العثور على إجماع حول تعريف دقيق للسياسات العمومية لقد طرح تعريفها صعوبات كبيرة في ترسیمه بحكم وجود وجهات نظر متعددة، مما يجعل تطبيقها العملي صعبا، وتتمثل إحدى الصعوبات الرئيسية للتحليل في تصور أن تشكيل السياسات العمومية وتنفيذها هو الاختصاص الحصري للحكومة. وأن تنفيذها هو مسؤوليتها وحدها، متناسين كل الدعم الاجتماعي والسياسي المطلوب لتنفيذها على الرغم من أنه من الواضح أن الحكومة هي جهة فاعلة رائدة، إلا أنها لا تعمل بمفردها، كما أنها لا تعدد خطة العمل المجردة والمبعثرة تماما عن المجتمع، كما تطرح اشكالات على مستوى الخلط المفاهيمي بين السياسات العمومية ومفاهيم أخرى ، وأضف الى ذلك صعوبة حصر انواعها بحكم تعدد زوايا النظر وتنوع نظريات ومناهج تحليل السياسات العمومية.

تعريف السياسات العمومية

يمكن تعريف السياسات العمومية على أنها ذلك السلوك الذي يصدر عن الفاعلين أو مجموعة من الجهات الفاعلة، كما يمكن تعريفها أيضا على أنها أي شيء تختاره الحكومات يمكن أن تفعله أو الإمتناع عن فعله، قد تكون هذه التعريفات كافية للبعض، لكن من أجل إجراء تحليل منهجي للسياسات العمومية يحتاج إلى تعريف أو أكثر دقة.

وفي هذا المقام نبرز بشكل اولي تعريف "هارولد لارويل الذي عرف السياسات العمومية كالأتي: "فهي من يحوز على ماذا؟ ومتى؟ وكيف؟ و من خلال نشاطات تتعلق بتوزيع الموارد والمكاسب والقيم والمزايا المادية والمعنوية وتقاسم الوظائف و المكانة الاجتماعية، بفعل ممارسة القوة أو النفوذ، والتأثير بين أفراد المجتمع على مصادر القوة.

وتوالت بعد ذلك تعريفات أخرى التي تركز على تعددية الفاعلين ، ومن بينها تعريف المعهد العالي للدراسات العمومية في فرنسا الذي عرف السياسة العمومية على أنها  تلك القرارات والاعمال التي تصدر عن الفاعلين الاجتماعيين المؤسساتيين  من أجل البحث عن حل لمشكل جماعي.
 ويمكن تعريف السياسات العمومية أيضا على أنها مسار عمل هادف ومستقر نسبيا يتبعه فاعل أو مجموعة من الجهات الفاعلة في التعامل مع مشكلة أو مسألة مثيرة للقلق. 

والملاحظ ايضا ان هذه التعريفات تركز على ما تم القيام به بالفعل بدلاً من ما هو مقترح أو مقصود فقط؛ كما يمكن التمييز هنا ايضا السياسات العمومية عن القرار، وهي في الأساس اختيار محدد بين البدائل وينظر إلى السياسات العمومية على أنها شيء يتكشف بمرور الوقت باختصار السياسات العمومية هي تلك التي ينتجها المسؤولون والمؤسسات الحكومية وباقي الفاعلين، كما أنها تؤثر عادة على أعداد كبيرة من الناس.

 إن صناعة السياسات العمومية تستوجب من الحكومة التفاعل مع جهات فاعلة متعددة من الدولة والمجتمع المدني ومؤسسات القطاع الخاص وذلك لأن السياسات العمومية هي مرحلة مستمرة للتعبير عن المصالح، مما يؤدي إلى قيام جهات فاعلة متعددة بمحاولة التأثير على تشكيل السياسات العمومية وفقا لأهدافها تحدث الحاجة إلى التفاعل لأن مهارات وموارد الحكومة محدودة وليست كافية لتغطية جميع المتطلبات، التي تتطلبها إجراءات السياسات العمومية، وتتطلب الحكومة جمع العديد من الجهات الفاعلة، في اطار علاقة واضحة من الترابط بين الموارد، لذلك فإن الحكومة، بدلاً من أن تكون منفذاً انفراديا، هي عامل منسق وواضح للعمل الجماعي الذي ينفذ السياسات العمومية.

 كما يتجاوز دور الحكومة تنفيذ إجراءات السياسات العمومية بشكل مباشر، لأن المطلوب هو تعديل سلوكي للجهات الفاعلة التي تعتبر ضرورية لرؤية تغيير حقيقي في الموقف الذي يعتبر ذو صلة اجتماعية، كما ان السياسات العمومية في عبارة عن مسارات عمل هادفة يتم وضعها استجابة لمشكلة قائمة تتم صناعتها من خلال عملية سياسية محددة، ويتم تبنيها وتنفيذها من خلال القوانين والتدابير التنظيمية ومسارات العمل الحكومي وأولويات التمويل ويتم فرضها من قبل المؤسسات العامة.

أخيرًا، ان السياسات العمومية على الأقل في شكلها الإيجابي، تقوم على القانون وهي تكتسب شرعية موثوقة مثلا عادة ما يقبل أعضاء المجتمع الحقائق التي تنص على وجوب دفع الضرائب، والامتثال لمجموعة من الضوابط والقيام او الامتناع عن القيام بجملة من الافعال والسلوكيات لأنها شرعية ما لم يرغب المرء في المخاطرة بغرامات أو عقوبات بالسجن أو غيرها من العقوبات المفروضة قانونًا. وبالتالي فإن السياسة العمومية تتمتع بسلطة قسرية وموثوقة من الناحية القانونية لا تتمتع بها سياسات المنظمات والمؤسسات الخاصة والواقع أن السمة الرئيسية التي تميز الحكومة عن المنظمات الخاصة هي احتكارها للاستخدام المشروع للاكراه والقسر، اذ يمكن للحكومات أن تسجن الأشخاص بشكل قانوني؛ بينما لا تستطيع المنظمات الخاصة فعل ذلك.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-